linkedin twitter facebook github pinterest left right up down youtube instagram email menu close

النصف الأول من عام 2024 استمرار للهجمات وتقويض لحياة السكان…وأزمة إنسانية تزداد في ظل غياب الحل السياسي والعدالة للسوريين

6 أشهر أخرى مرت من رحلة السوريين مليئة بالمآسي والمعاناة، التي سببتها حرب النظام وروسيا، واقعٌ صعب تزيدهُ الظروف الجوية مرارةً على مدار فصول العام، وفرق الدفاع المدني السوري بكافة اختصاصاتها تواصل العمل على تخفيف معاناة السوريين.

انقضى النصف الأول من العام 2024 دون أن تنقضي معاناة السوريين أو تخف، أكثر من 13 عاماً وما تزال هجمات النظام تلاحق السوريين، وكابوس التهجير يغتال أحلامهم بحياة أفضل، واقعٌ مرّ، تزيدهُ الظروف الجوية مرارةً على مدار فصول العام، وبنية تحتية هشّة تُعمّق المأساة، وفاقمها زلزال 6 شباط 2023 المدمر، وتراجع الاستجابة الإنسانية، وغياب العدالة يطيل من أمدها، وفي ظل هذا الواقع استمرت فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في خدمة السوريين بمناطق شمال غربي سوريا، مستجيبةً لعشرات الهجمات، والحرائق، ونداءات الاستغاثة من الغرق، وتنفيذ غيرها من الأعمال التي تستهدف التخفيف عن المدنيين، بالتوازي مع تنفيذ عشرات المشاريع في إعادة تأهيل البنية التحتية من طرقات ومدارس ودور عبادة ومشافٍ ومراكز صحية، لدعم مرونة المجتمعات وقدرتها على مواجهة التحديات الهائلة.

الهجمات

لم يتغير شيء في واقع السوريين خلال النصف الأول في العام الحالي، هجمات النظام وروسيا والمليشيات الموالية لهم استمرت عليهم، و بوتيرة أعلى مقارنة بالفترة نفسها خلال العام الماضي، بل وأضاف النظام سلاحاً جديداً في استهدافه السوريين، متمثلاً بالمسيّرات الإنتحارية، التي تحولت إلى خطر آخر على حياة السكان الأبرياء في شمال غربي سوريا، وتهديد يدمر وسائل بقائهم على قيد الحياة وسبل عيشهم، بسبب الطبيعة الممنهجة لهجمات هذه المسيرات الانتحارية و تعمد استهداف المدنيين وما سببته من توتر وخوف على الحياة اليومية في شمال غرب سوريا، بسبب التهديد الذي يتربص بهم ويثير الرعب في قلوب المدنيين.

وخلال الفترة المذكورة (النصف الأول من عام 2024) استجابت فرقنا لـ 392 هجوماً، قامت بهِ قوات النظام، وروسيا، والميليشيات الموالية على شمال غربي سوريا، منها 293 هجوم بالقصف مدفعي، و27 هجوماً براجمة الصواريخ، و3 هجمات بالأسلحة الحارقة، و7 غارات جوية، وأدت الهجمات إلى مقتل 38 مدنيا (شخصاً)، بينهم 13 طفلاً و 6 نساء، وجرح 150 آخرين، بينهم 57 طفلاً، و 16 امرأة.

وأصدر الدفاع المدني السوري تقريراً عن هجمات الطائرات المسيرة الانتحارية يشمل التقرير توثيق الهجمات التي استجابت لها فرق الإنقاذ خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 ويوضح التقرير خطر المسيرات وطبيعة الهجمات والأماكن التي استهدفتها.

مخلفات الحرب

وتشكل مخلفات الحرب وجهاً أخر لحرب النظام وروسيا على السوريين، وهي قنابل موقوتة تهدد حياة المدنيين في شمال غربي سوريا، وتقوض حركتهم، ونشاطهم الاقتصادي، وقدرتهم على الاستفادة من أراضيهم الزراعية، خاصة في مواسم الحصاد.

واستجابت ووثقت فرقنا خلال النصف الأول من عام 2024 ، 5 حوادث انفجارات لمخلفات الحرب في بيئات مدنية، وأدت هذه الحوادث لمقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل، وإصابة 10 آخرين جميعهم أطفال.

وتواصل فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري جهودها في حماية المدنيين في شمال غربي سوريا من هذهِ المخلفات، من خلال أعمالها التي تشمل المسح غير التقني، والإزالة، والتوعية، وقد قامت فرقنا بـ 610 عمليات مسح غير تقني خلال النصف الأول من العام الجاري وبلغ عدد المناطق الملوثة 188، وأتلفت 459 ذخيرة غير منفجرة من مخلفات الحرب، بينها 91 عنقودية، كما قدمت فرقنا 1616 جلسة توعية في الفترة نفسها، استفاد منها نحو 31 ألف مدني مدني، بينهم أكثر من 15 ألف طفل و وأكثر من ألفي امرأة.

استجابة الحرائق

وشهد النصف الأول من العام الحالي زيادة ملحوظة في عدد الحرائق التي اندلعت في شمال غربي سوريا، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وتأتي زيادة الحرائق نتيجة للأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة والتي خلفت أعشاب كثيفة قابلة للإشتعال، إلى جانب موجة الحر التي جاءت مبكراً هذا العام.

وأخمدت فرقنا خلال الشهور الـ 6 الأولى لـ 2024، 2213 حريقاً، بزيادة نحو ألف حريق عن عدد الحرائق التي اندلعت خلال الفترة نفسها من العام 2023، واندلع 1061 حريقاً في حقل زراعي، و 71 حريقاً في محطة تكرير وقود، و 107 حريقاً في مخيم، و 393 حريقاً في منزل مدني، وأدت الحرائق إلى وفاة 4 مدنيين، بينهم طفلان، وإصابة 93 آخرين، بينهم 35 طفلاً و 18 امرأة.

الاستجابات الشتوية

ولم يخلُ النصف الأول من العام من العواصف والسيول التي ضربت شمال غربي سوريا وتتعمق فجوة الاحتياجات الإنسانية مع اجتماع ظروف حرب النظام وروسيا والتهجير المستمرة لأكثر من 13 عاماً، ليزيد المعاناة الظروف الجوية القاسية التي تفرض تشرد جديد للمدنيين في ملاذهم الأخير في المخيمات، وتتركهم بلا مأوى بعد أن جرفت مياه السيول خيامهم، وسط تراجع كبير في الاستجابة الدولية الإنسانية.

وبلغ عدد استجابات فرقنا خلال العواصف التي ضربت مناطق شمال غربي سوريا النصف الأول من العام الحالي 324 توزعت على (33 عملية رفع سواتر، 37 شفط مياه، 254 فتح ممرات مائية)، وتضرر بسبب الأمطار والسيول 207 مخيمات، توزعت الأضرار فيها على 3431 خيمة تضررت بشكل مباشر و 10300 بشكل غير مباشر.

حوادث السير

وباتت حوادث السير خطراً أخر يهدد حياة المدنيين في شمال غربي سوريا، وتتسبب بإصابات قد تكون بالغة غالباً، وخلال النصف الأول من العام الحالي 2024، استجابت فرقنا لـ 798 حادث سير في شمال غربي سوريا، وأسفرت تلك الحوادث عن وفاة 20 مدنياً بينهم 9 أطفال وامرأتان، وإصابة 748 آخرين، بينهم 208 طفلاًَ و 100 امرأة.

استجابة فرق الإنقاذ المائي

واستجابت فرق الإنقاذ المائي في الدفاع المدني السوري في أول 6 أشهر من العام الحالي 2024, لـ 43 نداء استغاثة من الغرق، وتمكنت من إنقاذ 15 مدنياً، بينهم 5 أطفال وامرأتان، بينما انتشلت الفرق 17 مدنياً بينهم 5 أطفال توفوا غرقاً، ويلجأ معظم السوريون في شمال غربي سوريا إلى المسطحات المائية المنتشرة في المنطقة هرباً من حرارة الصيف، مما يزيد من احتمال حدوث حالات الغرق خاصة في المسطحات التي يُحظر السباحة فيها، وتنتشر فرق الإنقاذ المائي في البحيرات والمسطحات المائية التي يقصدها المدنيون في شمال غربي سوريا، تحسباً لأي طارئ، ومن أجل الاستجابة الفورية في حال حدوث أي حالة غرق، ما تستمر الفرق بأعمال التوعية لأجل سباحة آمنة إلى جانب التحذير من الدخول إلى المسطحات الخطرة والتي لا يُسمح السباحة فيها.

عمليات الإسعاف

و تعدُّ خدمة الإسعاف التي يقدمها الدفاع المدني السوري، من أهم الأعمال التي تقدمها الموسسة للتخفيف عن المدنيين في شمال غربي سوريا، وتسهيل وصولهم إلى الخدمات الطبية والمؤسسات الصحية، وخلال النصف الأول من العام الجاري، قامت فرقنا بـ 73901 عملية اسعاف استفاد منها أكثر من 100 ألف مدني بينهم 17068 طفلاً و 50809 امرأة.

خدمات مراكز صحة النساء والأسرة

كما استمرت مراكز صحة النساء والأسرة في الدفاع المدني السوري في تقديم خدماتها المتنوعة للمدنيين في شمال غربي سوريا، خاصة في ظل الواقع الصحي الصعب، والبنية التحتية الطبية الهشّة نتيجة سنوات حرب النظام وروسيا الطويلة على هذا القطاع، وقدمت المراكز في الشهور الـ 6 الأولى من هذا العام 69580 خدمة طبية ضمن المركز، و 27996 عملية إسعاف، و 4570 خدمة علاج فيزيائي، و 5271 خدمة دعم نفسي، و 30543 خدمة توعية، و 30108 خدمة صحة إنجابية، و 39705 خدمات تمريضية ومتابعة علاج.

مراكز التمكين المجتمعي

يُعتبر التمكين المجتمعي أمراً بالغ الأهمية في تطوير المجتمعات وتحقيق التقدم، ويمثل ضرورة ملحة في سوريا نظراً لاستمرار الحرب التي يشنها النظام وروسيا على المدنيين السوريين والتحديات التي أفرزتها. فقد تسببت هذه الحرب في تفكك المجتمعات وتردي الأوضاع الإنسانية والاجتماعية على عدة أصعدة.

أطلق الدفاع المدني السوري مركزين مجتمعيّين في كل من مدينة جسر الشغور غربي إدلب وفي مدينة عفرين شمالي حلب، وذلك إلى تمكين الأفراد من استعادة حياتهم الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة. وتعمل المراكز المجتمعية على تعزيز التماسك الاجتماعي وتقوية العلاقات المجتمعية، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر استقراراً وصموداً في وجه الأزمات.

وتقدم مراكز التمكين المجتمعي مجموعة متنوعة من خدمات وبرامج الحماية للمجتمع المحلي بهدف تحسين جودة الحياة وتعزيز التماسك الاجتماعي، كما يعزز التمكين المجتمعي من خلال هذه المراكز، المشاركة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، ويُسهم في تطوير المهارات والقدرات، مما يعزز من صمود المجتمعات ويساعد في تحقيق التنمية المستدامة.

خدمة الإنذار المبكر (الراصد)

وتعزز خدمة الإنذار المبكر (الراصد) حماية المدنيين من هجمات الطائرات الحربية، وتزيد فرص النجاة عبر التحذيرات المبكرة التي تساعد في اتخاذ إجراءات الأمن والسلامة، وتم خلال النصف الأول من العام الحالي إرسال 6 آلاف تحذير عن طريق منصة التلغرام، و إرسال 3573 تحذير من أجهزة الإنذار، كما قامت فرقنا بـ 52 جلسة توعية بخدمة الراصد، استفاد منها 5392 مدني، أغلبهم من النساء.

المشاريع

دمرت حرب النظام وروسيا المستمرة لأكثر من 13 عاماً، البينة التحتية، والمؤسسات الخدمية في كامل الجغرافيا السورية، ولم يكن شمال غرب سوريا استثناءاً من هذا الدمار، ثم جاء زلزال 6 شباط ليفاقم الدمار، ويزيد من المأساة، وخلال النصف الأول من العام الحالي قامت مؤسسة الدفاع المدني السوري بتنفيذ مشاريعَ تستهدف إعادة تأهيل ما دمرته الحرب والزلزال في عدة مناطق من شمال غرب سورية، وشمل ذلك إعادة بناء المرافق المهدّمة مثل مسجد قرية الملند غربي إدلب، والذي أُعيد بنائه بعد أن دمره الزلزال واُفتتح يوم عيد الأضحى، ليصبح مساحة دينية وتعليمية واجتماعية آمنة للمدنيين في المنطقة، وكذلك شملت المشاريع إعادة تأهيل الطرق، مثل طريق النمرة - البالعة في غربي إدلب بطول 6000 متر، وطريق القندرية - عين البيضا في ريف جرابلس شرقي حلب بطول 8500 متر، إلى جانب إعادة فرش طرقات فرعية والعشرات من مخيمات المهجّرين، إلى جانب دعم القطاع التعليمي من خلال ترميم العشرات من المدارس.

وأطلق الدفاع المدني السوري مشروعاً لترميم وتأهيل أكثر من 15 منشأة طبية في شمال غربي سوريا، تتوزع بين مشاف، ومراكز رعاية صحية أولية، ومراكز لصحة النساء والأسرة، في إدلب وحلب، كانت قد تعرضت لقصف سابق، وتضرر منها أيضاً بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة العام الماضي.

كما بدأ الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) مشروعاً لتوسعة شبكات الصرف الصحي في مدينة اعزاز شمالي حلب، وإنشاء شبكات صرف صحي في الأحياء السكنية غير المخدّمة في المدينة، بطول أكثر من 7000 متراً، وذلك بالتنسيق مع المجلس المحلي لمدينة اعزاز، ويبلغ عدد المستفيدين من المشروع 250 ألف نسمة من القاطنين في مدينة اعزاز، منهم 30 ألف مستفيد بشكل مباشر، ويقترب المشروع من نهايته.

تراجع المساعدات والواقع الإقتصادي

يأتي هذا في وقت تراجعت فيه المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا، وانخفض التمويل الإنساني، الأمر الذي انعكس سلباً على الاستجابة الإنسانية، وعمّقَ من الفجوة بين الاحتياجات الإنسانية والاستجابة لها، في بيئة اقتصادية غير تقليدية نتيجة حرب النظام وروسيا، وبحثاً عن حلول اقتصادية مستدامة، وسعياً لتغيير الواقع الاقتصادي الرديء في شمال غربي سوريا، انعقد في أيار الماضي مؤتمر التمكين الاقتصادي والاستدامة في سوريا "التمكين أساس الاستقرار" بمشاركة الدفاع المدني السوري، إلى جانب مؤسسات سورية أخرى، وشكّل المؤتمر فرصة مهمة للحوار ومناقشة مسارات التمكين الاقتصادي والمجتمعي، وبحث خطوات واقعية تساهم في تفعيل مبادرة جادة في التدخل تساهم في تحقيق التمكين المستدام للمجتمعات المتضررة من الحرب والكوارث.

العدالة الغائبة والمحاسبة المفقودة

مرت 6 أشهر أخرى من رحلة السوريين المملوءة بالمآسي والمعاناة، التي سببتها حرب النظام وروسيا، لمجرد مطالبتهم بالحرية، والعدالة، والكرامة، شهورٌ ستة لم تختلف عن سابقاتها، فأبسط مقومات الحياة الكريمة لا تزال محظورة على السوريين، والعدالة تائهةٌ لم تجد طريقها بعد إلى سوريا، وفوقها هذا هنا سعيٌ لاغتيالها بإعادة تعويم النظام السوري على حساب السوريين، رغم محاولات لإحياء أمل العدالة المفقودة، هناك وهناك، ولعل آخرها قرار محكمة استئناف باريس بالتصديق على قرار اعتقال رئيس نظام الأسد، وهو الأمر الذي ينتظر تحقيقه جميع السوريون، بعد أن قتلهم وهجّرهم ودمر مدنهم واستخدم الأسلحة الكيميائية والبراميل في قتلهم ي، وحول أسماءهم لأرقام تخرج من مسالخهِ البشرية بلا أرواح.

إن وحشية نظام الأسد، وارتكابه للجرائم ضد الإنسانية وخرقهِ للأعراف والمواثيق الدولية، وقانون حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، و مجازر الكيماوي التي ارتكبها وراح ضحيتها آلاف المدنيين، وحملات التهجير القسري التي غيرت ملامح الحياة في سوريا، وغزوهِ بالمخدرات لجيل كامل من الشباب في منطقة الشرق الأوسط ودول الجوار، والكثير من الخروقات الأخرى التي تتنافى مع مبادئ الإنسانية هي دلائل وقرائن واضحة وكافية لعزله دولياً وإقليمياً وإيقاف إجرامه ومحاسبته، والسعي إلى جعل المكان الوحيد له هو خلف القضبان، حيث يُحاكم كما يحاكم المجرمون الذين سبقوه.

Test